أرسل رئيس حزب “القوات اللبنانيّة” سمير جعجع كتاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارة التعارف التي قامت بها ممثلته في لبنان جنين هانيز بلاسخارت:
وهذا نص الكتاب كاملاً:
سعادة انطونيو غويتريش المحترم
الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة
بواسطة ممثلكم الخاص في لبنان
تحية طيبة،
أهديكم أطيب التحيات وأصدق الأمنيات بالنجاح الدائم في مساعيكم الهادفة الى احلال الأمن والسلام حول العالم في زمنٍ تزيد فيه الاضطرابات وتكثر فيه الحروب والنزاعات بشكلٍ يهدّد البشرية جمعاء في تقدّمها وازدهارها ورفاهها.
أخاطبكم، سعادة الأمين العام، بصفتي رئيس حزب القوات اللبنانية الذي تأسس في لبنان منذ 45 عاماً، وبصفتي رئيس أكبر كتلة برلمانية في المجلس النيابي اللبناني، وكلاهما، اي الحزب والكتلة النيابية، يعدّان من أبرز المدافعين عن السيادة اللبنانية، وفي طليعة من بذلوا كل التضحيات من أجل صون استقلال لبنان وحرية شعبه.
ان السيادة اللبنانية كما الهوية اللبنانية مهدّدتان اليوم في صميمهما وجوهرهما نتيجة عوامل ومؤثرات عدّة، يهمّنا ان نعرض لكم في كتابنا هذا احداها، الا وهي مسألة اللجوء السوري الكثيف والحادّ وغير المنظم الى وطننا منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة بشكل متواصل ومتعاظم، بحيث وصلت نسبة اللاجئين السوريين الى اللبنانيين ما بين 40 و 45%.
لقد أدّت هشاشة المؤسسات الرسمية اللبنانية والأزمات العميقة التي تعرّض لها لبنان سواء على الصعيد السياسي لناحية الفراغ في المؤسسات الدستورية، او على الصعيد الاقتصادي لجهة الانهيار المالي الذي لا يزال لبنان يتخبّط به، او على الصعيد الأمني جرّاء الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني وانفجار مرفأ بيروت في وقت سابق، الى تفاقم مشكلة اللجوء السوري واستحالتها معضلة تهدّد لبنان حالياً بشتى المخاطر، وعلى شفير الانفجار في أي وقت.
وما يزيد من الصعوبة في معالجة المعضلة المشار اليها هو الموقف الذي تتخذه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان في ادارتها لمهامها وفي تعاملها مع ازمة اللجوء السوري، حيث انها:
1- تتخذ كل التدابير الرامية الى دمج اللاجئين السوريين في المجتمع اللبناني، دون ان تعمل على محاولة إعادة توطينهم في بلدان ثالثة أو تسهيل عودتهم الى ديارهم، وتحديداً الى المناطق الآمنة التي باتت تتجاوز أكثر من 90% من الأراضي السورية حالياً، لا بل انها، في بعض الأحيان، تعرقل هذه العودة او تحرّض السوريين الراغبين بالعودة على الامتناع عن ذلك.
2- تمتنع عن تسليم السطات الرسمية اللبنانية المعلومات التي وثّقتها عن السوريين الداخلين الى لبنان على الرغم من الطلب المقدّم اليها بهذا الشأن، الأمر الذي يؤشّر الى سوء نية في التعامل مع الدولة المضيفة ورغبة غير مبررة بعدم التعاون معها.
3- تمتنع عن تنفيذ مذكرة التفاهم التي سبق ان وقّعتها مع المديرية العامة للأمن العام، بتاريخ 9/9/2003، والتي صدّقتها الحكومة اللبنانية بموجب المرسوم رقم 11262 تاريخ 30/10/2003 والتي أقرّت المفوضية بموجبها ان لبنان ليس بلد لجوء بل مجرد بلد عبور، والتزمت بآليات عمل واضحة مع السلطات اللبنانية بهدف ترحيل اللاجئين او اعادة توطينهم في بلدان ثالثة.
4- والأدهى من كل ذلك، تمنح اللاجئين السوريين بطاقات لجوء وافادات سكن، متجاوزةً بذلك سلطة الدولة اللبنانية الحصرية في هذا الشأن، بحيث ينحصر عملها كمنظّمة أممية انسانية في اغاثة من تمنحهم الدولة اللبنانية تصاريح تجوّل مؤقّتة دون ان يكون لها حق التدخل أكثر من ذلك.
هذا وقد توّجت المفوضية السامية قائمة مخالفاتها وانتهاكاتها الفاضحة للسيادة اللبنانية بالكتاب الذي وجّهه مدير المكتب الأقليمي للمفوضية في بيروت بتاريخ 17/05/2024 الى وزير الداخلية اللبناني عبّر بموجبه عن “استيائه” من الزيادة الكبيرة في عدد التدابير الادارية التي تتّخذها الوزارة بحقّ النازحين السوريين في جميع انحاء لبنان مما ادّى الى توتّرات مجتمعية في العديد من المناطق. (كذا)
وعلى الرغم من أن المدير الاقليمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين عاد وسحب الكتاب المشار اليه، بناءً على طلب وزير الخارجية اللبناني بعد استدعائه اصولاً، الا ان نشر هذا الكتاب واطلاع الكافة على مضمونه قبل التراجع عنه، أدّى الى تثبيت مفاعيله بنتيجة العلانية التي طالت مضمونه، حيث تضمّن هذا الكتاب فعلياً حضّاً للسوريين على التمرّد على قرارات السلطة العامة في لبنان ومنعها من ممارسة وظائفها الدستورية، كما وتحريضاً على الفتنة واثارةً للنعرات العنصرية بين الشعبين اللبناني والسوري، وهي كلّها جرائم مكتملة العناصر يعاقب عليها قانون العقوبات اللبناني.
سعادة الأمين العام،
باسم من أمثّل على الصعيدين الرسمي والشعبي أتوجّه اليكم، بصفتكم المشرف على أعمال المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، بالكتاب الحاضر لمطالبتكم، وفي أقرب الآجال:
اولاً: بالايعاز الى المكتب الاقليمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بيروت لوقف جميع الممارسات السابق وصفها في البنود من 1 الى 4 اعلاه، فوراً ودون ابطاء والانصياع الى احكام ميثاق انشاء المفوضية والى احكام القوانين والقرارات اللبنانية المرعية الاجراء والصادرة باسم السيادة اللبنانية الواجبة الاحترام.
ثانياً: بالايعاز الى المكتب عينه بوجوب الالتزام بمضمون مذكرة التفاهم الموقعة من قبله بتاريخ 9/9/2003 مع المديرية العامة للأمن العام اللبناني، خصوصاً لجهة اعتبار بطاقات اللجوء، التي مُنجت من قبل المفوّضية حتى العام 2015 لاغية، بالنظر الى سريان أحكام هذه المذكرة على موقّعيها من جهة والى عدم مخالفتها أي من أحكام القانون الدولي الآمرة من جهة اخرى.
ثالثاً: بالإيعاز إلى المكتب أيضاً بتسليم الأمن العام اللبناني كامل ” الداتا ” والمعلومات التي وثّقها عن السوريين الداخلين إلى لبنان، مرفقة بالمستندات الأصلية ومُلحق الإستثمار، عملاً بأحكام البند الثالث من مذكّرة التفاهم تاريخ 9/9/2003 والتي تنُصّ على ما حرفيّته: ” يقوم مكتب المفوّضية بإيداع طلب طالب اللجوء مع المستندات الأصلية ومُلحق الإستثمار إلى الأمن العام دائرة الفئات الخاصة، وذلك أسبوعياً “.
كل ذلك تحت طائلة السير بالاجراءات القانونية المتاحة بحقّ المفوضية في لبنان التي قد تصل الى مطالبة القضاء الوطني اللبناني باقفال مكاتبها في بيروت وتعليق عملها في لبنان.
0 Comments