ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية

فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، 
حضرة الوزراء المسيحيين كافة في الحكومة الحالية، 
حضرة رجال الدين المسيحيين واولياء الرعية كافة، 
حضرة رؤساء الأحزاب المسيحية برمتها، 

حضرات المعنيّين في إدارة الجامعة اللبنانية والجهات الوصيّة عليها،

رسالة اعتراض حادة: فضيحة التفرّغ في الجامعة اللبنانية

تسريب الأرقام المتعلّقة بدفعة التفرّغ الأخيرة من العرض الذي قدمته وزيرة التربية في جلسة الحكومة الأخيرة يكشف فضيحة وطنية وأكاديمية كاملة الأوصاف. فالأعداد الصادرة ليست مجرّد أرقام؛ هي انقلاب فعلي على هوية الجامعة اللبنانية وعلى توازنها الوطني والتاريخي.

وإليكم الوقائع كما هي، بلا تجميل ولا تلطيف:

* الأساتذة الشيعة: 40% — (513 أستاذاً)
* الأساتذة المسيحيون: 29.4% — (377 أستاذاً)
* الأساتذة السُنّة: 25.8% — (331 أستاذاً)
* الأساتذة الدروز: 4.2% — (54 أستاذاً)
* العلويون: 0.1% — (أستاذ واحد فقط)
* غير محدد: 0.5% — (6 أساتذة)
* المجموع: 1,282 أستاذاً

هذه النسب لا تمتّ للتوازن الوطني بصلة.
لا ميثاقية.
لا عدالة.
لا معيار علمي.
ولا حتى حياء سياسي.

والأخطر من الأرقام هو المعيار الذي اعتُمد لاختيار الأسماء:
ما يسمّى بـ "النصاب"، أي عدد الساعات، وهو معيار أقل ما يقال عنه إنه غير أكاديمي، غير علمي، غير عادل، ولا يُقاس به مصير أستاذ جامعي.
هذا المعيار لا يقيس كفاءة، ولا شهادة، ولا تصنيف جامعة تخرج منها، ولا إنتاجاً علمياً، ولا خبرة، ولا التزاماً… بل يقيس رضى مدير، أو دعم مسؤول، أو قرباً من جهة مؤثّرة.

هل يُعقل أن تُحدَّد هوية الجامعة اللبنانية ووجهتها المستقبلية بناءً على مزاج إداري أو شبكة نفوذ؟
هل يُعقل أن يتمّ تهميش مكوّنات كاملة وفرض خلل فاضح كهذا وكأنه أمر واقع؟
هل الجامعة اللبنانية أصبحت مساحة لتكريس الهيمنة بدلاً من تكريس العلم؟
هل يعقل أن يتم إعتماد معيار معين يؤدي إلى إقصاء ما تبقى من اساتذة مسيحيين في هذه الجامعة وعددهم يقارب ٢٠٠ شاب وشابة حلموا بالبقاء في بلادهم ؟

إنّ ما يحصل اليوم ليس مجرد خلل، بل محاولة منهجية لإعادة صياغة الجامعة على قياس فئة واحدة، وإسقاط مبدأ المشاركة الوطنية، وضرب التوازن الذي قامت عليه هذه المؤسسة منذ تأسيسها.

إننا نرفض هذا التفرّغ الممسوخ الذي يُراد تمريره، ونطالب بما يلي فوراً ودون أي تأجيل:

1. وقف العمل فوراً باللائحة الحالية وبالآلية المعتمدة.
2. إعادة بناء معايير التفرّغ على أساس الكفاءة الأكاديمية الفعلية وليس النصاب المصطنع.
3. إعادة مراجعة شاملة للأرقام بما يحفظ التوازن الوطني والميثاقي الحقيقي.
4. منع استخدام الجامعة اللبنانية كمساحة نفوذ سياسي أو طائفي.

إنّ التلاعب بهوية الجامعة اللبنانية هو تلاعب بالبلد بأكمله.
وإنّ السكوت عن هذا الخلل جريمة بحق المؤسسة وبحق آلاف الأساتذة والطلاب الذين يؤمنون بأنها آخر ما تبقّى من مؤسسات الدولة.

إمّا أن تبقى الجامعة اللبنانية جامعة لكل لبنان،
وإمّا أن تتحوّل إلى نموذج إضافي من نماذج المحاصصة والانهيار.

والقرار… اليوم بين أيديكم.