في حين أكدت بعض المصادر المطلعة أن الخلاف بين رئيسة المركز التربوي ووزير التربية ليس شخصيا، عرفت هذه المصادر أن أصل هذا الخلاف يعود الى تأخير وعرقلة الوزير لعدة معاملات تتعلّق بالمركز التربوي بشكل عام وبالتعلم عن بعد بشكل خاص، وتتطلب مصادقته كسلطة وصاية. كما تعود الخلافات بعدم اشراك المركز التربوي بقررات من المفترض أن يكون شريكا أساسيا فيها. كما تعود هذه الخلافات أيضا الى تعارض في الصلاحيات وازدواجية في العمل، في الفترة الأخيرة، من قبل بعض الأجهزة في الوزارة خاصة وان المركز التربوي وبحسب هذه المصادر، هو قانونيا مسؤول عن تطوير المناهج وكل ما يتعلّق بها وعن التدريب وعن انتاج الموارد التربوية والموافقة عليها وعن كل أنواع الإحصاءات والإستبيانات وعن الخطط التربوية ومتابعتها وتقييمها. أضافة الى الخلاف الاخير الذي جرى حول الأسلوب الذي اعتمد في استعادة الوزارة لغرف كان موظوفو المركز التربوي يشغلونها منذ 23 عاما، وتم اقتحام مكاتبهم بغيابهم ووضع أغراضهم الشخصيّة وممتلكات المركز التربوي في مدخل وزارة التربية دون اتباع الأصول القانونيّة.
"نحن غير جاهزين لبدء التّدريس في أيلول" هذا ما طرحته رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان في مقال نشرته في 30 تموز 2020. لم تكن هذه الصرخة الأولى في هذا الإطار. ولم يكن المقال ليحدد بداية العام الدراسي، كما فسّر، لكنّه جاء ليتكلّم عن الجهوزيّة ويحذّر من الضبابيّة والتّردّد في الرّؤية وفي الإجراءات وفي التّنفيذ.
لا يجوز أن نخبئ فشلنا وتقصيرنا، فنأخد الموضوع والإشكالية في غير اتجاه ... وهذا استخفاف في عقول الناس. "قضيّة التّعليم تعني أكثر من نصف المجتمع اللّبنانيّ"، خسرنا عام دراسي ولا نريد أن نخسر آخر. الأزمة الاقتصاديّة الدّاخليّة تتفاقم وتدفع بأولادنا الى الهجرة لأنهم فقدوا الثّقة بمستقبل زاهر. ونحن ما زلنا نتسابق على "المبادرات الضّائعة وجزر العمل المبعثرة، والمنافسات والأنانيّات الصّغيرة غير المبرّرة".
لقد سبق للمركز التربوي أن أشار عن توجّهاته للعام الدراسي القادم للمرة الاولى في 14 أيار 2020 بعد زيارة رئيسة المركز لفخامة رئيس الجمهوريّة، وفي في المرة الثانية في 7 حزيران 2020 من خلال مقال تحت عنوان "من سيتحمّل خسارة عام دراسي جديد". وفي هذين المقالين أشارت عويجان الى أهم التحديات التي يعاني منها القطاع والى ضرورة الإسراع في الجهوزية والى خطورة الوضع والى تأمين المستلزمات الأساسيّة لبداية عام دراسي جديد "آمن تربوياً وصحياً ونفسياً". وقد أظهر هذان المقالان الرؤية والإجراءات التربويّة التي يجب اتّباعها لبداية العام المقبل، من خلال عناوين لخطة كانت عرضتها رئيسة المركز على معالي وزير التربية والتعليم العالي لمناقشتها والموافقة عليها.
ما طرحته رئيسة المركز، كان طرحا موضوعيّا جريئا ومسؤولا، بعيدا عن الشخصنة والحسابات الضيقة جاء في سلّة من الحلول الّتي يتكلم عنا جميع المعنيون بالتربية.
كيف للتعّلم عن بعد أن يطبّق بغياب المقوّمات التّربويّة واللّوجستيّة العادلة والمتساوية والفرص المتكافئة بين المتعلّمين والمعلّمين؟ من أدوات وموارد تّربويّة، ومحتوى إلكترونيّ تّفاعلي، وبيئة إلكترونيّة، وبنى تحتية، وتدريب المعلمين وتشريعات، وغيرها.
"- دعم منصّة التّعلم الرّقميّ الّتي أطلقها المركز التّربويّ (منصّة رسميّة مجّانيّة) وتأمين استمراريّتها، وتعزيزها وتقديمها مجّانًا للمدارس كافّةً، الرّسميّة منها والخاصّة.
- تأمين التّيّار الكهربائيّ.
- شرعنة إنشاء "المدرسة الافتراضيّة اللّبنانيّة المركزيّة Central Lebanese Virtual School"، وتشغيلها من خلال هيكليّة المركز التّربويّ للبحوث والإنماء.
- تأمين مجانيّة الإنترنت التّعليميّ السّريع مع وزارة الاتّصالات وأوجيرو وشركات الموبايل.
- تأمين ودعم تجهيزات مقبولة الكلفة والمواصفات، للعائلات المحتاجة.
- دعم السّلّة التّربويّة (قرطاسيّة وكتب وحقيبة وتوابعها).
- ّ توحيد الجهود بين الوزارات والإدارات والمؤسّسات المعنيّة، وتأمين المقوّمات المطلوبة، لإنجاح أيّ خطة."
- الاستفادة من التّجارب العالميّة للتعلّم عن بعد.
- التّعاون في وضع مقاربة موحّدة من قبل المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، والمديريّة العامّة للتّربية وجهاز التّفتيش التّربويّ واتّحاد المدارس الخاصّة، والنّقابات والاتّحادات المعنيّة عند الحاجة، كلّ بحسب اختصاصه، بما يسهّل عمل المعلّمين والإدارات المدرسيّة لبدء عام دراسيّ ناجح كيفما كانت العودة (كاملة، أو جزئيّة أم تدريجيّة)، وكيفما كانت طرائق التّدريس (حضوريّة بالكامل أو نصف حضوريّة أو أونلاين). مع ضرورة تحديد المواضيع/ الكفايات الانتقاليّة المستمرّة بين الصّفوف، و تحضير اختصار Allègement استثنائيّ لعام دراسيّ يُتوقّع أن يكون استثنائيًّا، والاهتمام بالعودة الآمنة تربويًّا ونفسيًّا وصحّيًّا، والحرص على تدريب المعلّمين والمتعلّمين والأهل وغيرهم من المعنييّن على المقاربة الجديدة بكامل أبعادها، وبمواكبة الأبحاث الميدانيّة، بحسب الحاجة، لفهم الواقع واتّخاذ القرارات الملائمة.
هذا ما طرحته رئيسة المركز التربوي للمرة الثالثة منذ 14 أيار 2020. وهي التي حرصت منذ البداية لتوجيه البوصلة، فلم نجد في تصريحاتها الا الصدق والشفافية. وكل ما نسمعه في بعض وسائل الاعلام ليس الا وسيلة فاشلة لتوجيه الأانظار واطلاق سهام الاتهامات الباطلة في غير نصابها.
إضافة الى ذلك، نجد ايجابية في التصريحات الأخيرة لوزير التربية تشير الى بعض التراجع عن ما أكدته مديرة جهاز الارشاد لمحطة الأو تي في وفي أكثر من مناسبة، فقد بدأ يتكلم عن بداية العام الدراسي في نهاية شهر أيلول وفي شهر تشرين، اضافة الى تقليص المنهج الى النصف ... الأمور التي ذكرها مقال عويجان.

وأخيرا يبقى السؤال هل سيبدأ العام الدراسي في تشرين ؟
هل ستتحد الجهود للمصلحة التربوية العامة ؟
وهل ستكون وزارة التربية والمركز التربوي والمؤسسات التربوية جاهزة لهذا التحدي ؟