في كل أزمة سياسية هناك مشهدين ،

مشهد سياسي واضح يراه الجمهور و يتفاعل معه صغار اللاعبين السياسيين و مشهد آخر مخفي يعبر عن الخطوات و السياسات الحقيقية التي يجري الاعداد لها خلف الكواليس ،
فكيف إذا كانت الأزمة على أبواب استحقاقات رئاسية أمريكية ؟
في المشهد الظاهر ، خطوط سياسية متقاطعة تبدأ من محاولة تأليف حكومة في لبنان ، إلى عمليات تطبيع بين إسرائيل و بعض الدول الخليجية خدمة لجداول صفقة القرن ، أزمة تركيا و امتدادتها من إدلب إلى ليبيا و إلى أذربيجان مؤخرا دون إغفال الصراع في البحر الأبيض المتوسط ، انسحابات و تموضع للجيش الأمريكي على الرقعة الممتدة ما بين العراق و سوريا ،
فسيفساء مصالح و مصالح مضادة يقع الحل و الربط فيها بيد سيد البيت الأبيض الأمريكي القادم .. فالولايات المتحدة الأمريكية زرعت المشاكل عمدا في المنطقة و العهد الأمريكي الجديد سيحصد اما الريح و اما ما تيسر له من مصالح يوزعها على نفسه و على ديمومة إسرائيل و ما تبقى تلحس أوروبا ما وقع من فتات عن طاولة الوليمة الأمريكية ..
في المشهد المخفي عمل دؤوب ما بين أقطاب الساحة الشرق أوسطية ، لرسم مستقبل انظمة و ترسيم حدود و وضع خطوط للمصالح المتبادلة ، يجري الاعداد له ما بين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و يشمل كامل ملفات المنطقة من العلاقة مع إيران ، مرورا بوضع العراق و الانتخابات الرئاسية السورية وصولا إلى لبنان و المؤتمر التأسيسي القادم ..
جملة ملفات متفرقة سيتم دمجها و جمعها لتشكل مستقبلا شكل الرقعة الشرق أوسطية للسنوات القادمة يكون فيها الأطراف الدوليين قيمين على حسن التنفيذ منعا للمساس بمصالحهم الكبرى ..
فالأمة العربية قسمت ، حتى الآن ، قسمين :
قسم مطبع و سيطبع مع إسرائيل
و قسم غير مطبع و لن يطبع مع إسرائيل ،
و بذلك يبقى العرب منقسمين حول إسرائيل ، بعدما كانوا متوحدين حول القضية الفلسطينية التي جهزت على وضع نفسها على طريق الزوال و الانقراض مع ابقاء الشعارات الرنانة حية على صفحات الرثاء الصفراء ..
فبدل أن تكون القضية الفلسطينية هي المحور ، أصبحت إسرائيل هي المحور الذي ستدور حوله المصالح الأمريكية الروسية في المنطقة ، فتستلم إسرائيل ملف الدول المطبعة و روسيا ملف الدول الغير مطبعة ، مما يتيح للامريكي بمعالجة ملف الصين بعدما كان غاطسا بملفات المنطقة ..
كل شيء يتجهز لعودة ترامب إلى البيت الأبيض الأمريكي ..
ملف صفقة القرن بحاجة لمتابعة من فريقه و قد جهزت أرضية الدول الخليجية عبر التطبيع ، ملف إيران بحاجة لحلحلة تكلم عنها ترامب شخصيا و ماكرون جاهز للتنفيذ بإشراف روسي ، ملف العراق و لبنان يتبعان ملف الحلحلة مع إيران و الملف السوري بين يدي بوتين ،
يبقى الملف التركي و طموح إردوغان العثماني :
إلى أي مدى مسموح دوليا التمدد التركي ؟
الجواب طبعا بعد الانتخابات الأمريكية ،
إلى منتصف ٢٠٢١