الاستراتيجية الجديدة التي تعتمدها الولايات المتحدة الأمريكية و معها الدول الغربية و التي بدأت منذ قيام ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ تقوم على عنوان كبير هو : استبعاد الطبقة السياسية الحاكمة عن مستقبل المنطقة القادم ..

عدم استطاعة الحريري تأليف حكومة هو شبه دليل أن صورة الطبقة الحاكمة القديمة لا مكان لها في شكل لبنان المستقبلي الذي سيلائم التسوية المخطط لها دوليا و التي سيتم تنفيذها اقليميا و محليا ..
فالبديل عن قوى ١٤ آذار التي كانت معتمدة دوليا ، هو جمعيات المجتمع المدني المنتشرة بالمئات و التي يلزم صقلها بقالب واحد مستقبلا لتخوض الانتخابات النيابية القادمة ، و هذا ما يعمل عليه الآن ..
ايضا بالنسبة لقوى ٨ آذار سينطبق عليها نفس معيار السقوط المدوي بسبب الانهيار المعيشي و المالي و الاقتصادي الحالي و المرشح أن يتفاقم .. فلن يبقى مواطن متحلق حول حزبه أو تياره باستثناء الذي امن و يؤمن له حزبه و تياره ابسط الخدمات الصحية و المعيشية الملائمة ..
الضغط الاقتصادي على المواطن اللبناني يمارسه الغرب عبر اقنية الدولار التي يسيطر عليها و يهدف من وراء ذلك مساواة مواطن ١٤ آذار بمواطن ٨ آذار في الفقر و العوز الاجتماعي حتى ينسلخ المواطنان من كلاسيكية سجودهما لرؤساء احزابهم طيلة العقود التي ولت ، و انتقالهما نحو انتخاب عقلية ادارية جديدة لا تتصل بطريقة عملها لا بطائفية الاحزاب السابقة و لا بمحسوبياتها ..
نحن على طريق دولة أكثر مدنية من الدولة الطائفية التي كانت قائمة سابقا ..
لا أحد من الدول الغربية يسعى إلى تشكيل حكومة سياسية جديدة بقدر ما يسعى إلى طريقة لتقديم الاوكسجين الكافي لطبقة الشعب كي يستمر تنفسها حتى وصول الانتخابات النيابية القادمة ..
هذا على الصعيد اللبناني الداخلي ، أما على صعيد التوازن الاقليمي الخارجي الذي يخضع لبنان له ، غير معروف حتى الساعة كيف ستتبلور صورة التوازنات السياسية القادمة و هي رهن بعدة عوامل منها العودة إلى الاتفاق النووي مع ايران و حل الازمة السورية و حصة روسيا في لبنان ..
عندها فقط ، نستطيع أن نرسم داخل لبنان صورة جديدة للحصص الدولية في قلب المشهد اللبناني ..
حتى ذلك الوقت ، ابر مورفين كثيرة تحضرها الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و بتمويل سعودي مطلوب منها تجهيز الشعب اللبناني للصمود معيشيا دون حكومة ترعاه .