الحضارة الفينيقية


 الفـينـقـو-فوبيا

يغوص الطليان في أمجاد الإمبراطوريّة الرومانيّة كجزء من تاريخ أمتهم – لا بأس.
يمجّد اليونان هويّتهم الإغريقيّة – و هذا طبيعي.
يستمتع البريطان بأساطير الملك آرثر ، و يستمدّ الإسكنديناف من قصص أودن و ثور مادّة ثقافيّة تزيّن حاضرهم الحديث بتراثهم الشمالي السحيق...
صنع الأميركيون أبطالاً من "بول بانيان" و الـ pioneers ثمّ عادوا ، بعد مخاض، إلى تراث الأصليّين (قبائل الهنود الحمر) و إلى حفظ آثار المايا و الأزتيك في أنحاء القارّة الجديدة...
الصين، اليابان، و الهند لا تزال قيمها العتيقة فاعلة في ثقافاتها اليوم – و بكل فخر، حتّى لدى أكثر " التقدميّين " من مفكّريهم و صنّاع المستقبل.
أمّا أن يعود لبناني للغرف من تراثه الفينيقي، كما يفعل التونسي والقبرصي و المالطي والمغربي ومعظم أمم الأبيض المتوسّط... فخطيئة " سياسيّة " لا تُغتفر !
...
الفينيقوفوبيون بشرٌ
تسري رعشة في عروقهم لحظة يسمعون كلمة "فينيقيا" - هستيريا تقودها أحكام مسبقة وهرمونات...
فتأتيهم فورة إستهزاء بمعظم الأحيان، وهروب إلى حجج غير منطقيّة.
هل هي مشكلة " مصطلح " ؟
أم كل ما يرتبط به في أذهانهم من صورة مشوّهة و ظالمة روّجها أصحاب العقائد البالية لطمس أي شعور جامع لكل اللبنانيّين بالإنتماء الحضاري لاستبداله بنظريّة melting pot طائفيّة :
لا يريدون أن يكون للبنان شعب واحد متعدّد الطوائف و العقائد، بل يرسمون لبنان كأرض فارغة أتتها الشعوب-الطوائف من خارجها.
...
هنا الفرق – كل الفرق
بين لبنان " المغارة " : ملجئ للهاربين و اللاجئين
و لبنان "المنارة" : حضارة عريقة و وجود مستمرّ و فاعل على امتداد الجغرافيا و التاريخ.
الأوّل معضلة "تعايش" بين شعوب ، يبقى ممزقاً في الخلفيات السياسيّة و ساحة معركة بين الطوائف و الديانات و دينوصورات إلهيّة،
الثاني أمّة واحدة، بشعب واحد، غنيّ بتعدديته ، و قادر على النهوض من عصر الإنحطاط الذي أغرقه به من حكمه من طغمة لصوص و إرهابيين تحتل مؤسسات الدولة و تمارس بحقها تدميراً ممنهجاً للبيئة و التراث والتاريخ و الإقتصاد.

شادي الزغبي