يتنازع مركز القرار داخل الكرملين صراع ذو خطين ، و ذلك منذ منتصف الأزمة الاوكرانية ، و يتصاعد هذا النزاع يوميا بحيث تخرج كل فترة تصريحات من هنا أو من هناك لتعطي انطباعا موثوقا بأن الهوة تتسع شيئا فشيئا بين خطين لديهم رؤية مختلفة لمعالجة الصراع الدائر في اوكرانيا ..

هناك خط الرئيس بوتين و معه غالبية الحكومة و وزارة الخارجية و جزء من قيادات و جنرالات الجيش و قيادات بعض الأجهزة الأمنية ،
و هناك القوميون و الوطنيون الروس و حوالي ١٩ جنرالا عسكريا و رئيس شركة فاغنر و الشيشانيون عبر قاديروف و بعض القيادات الرفيعة في البلاد ..
اخصام الرئيس بوتين يتهمونه بأنه ما زال يراهن على عودة العلاقات مع الغرب في المستقبل من " بوابة الحوار " و لذا فهو حدد اقصى طموح لروسيا بضم الأقاليم الاوكرانية الأربعة و يحاول إنهاء الصراع بالتفاوض ، فيما الغرب يلعب تحديدا على هذه النقطة و يدرك ان الرئيس بوتين لن يصعد الأمور الا في حالات نادرة و لذا فهو يستنزف الجيش الروسي بدفع مزيد من الأسلحة يوميا إلى الساحة الاوكرانية و مؤخرا أسلحة متطورة و عليه فإن الأمور تتجه ببطء شديد لمصلحة الجيش الروسي و الوقت يأكل كل شيء و الأهم " هيبة الدولة الروسية " ..
في المقابل يعتقد و يؤمن اخصام " رؤية بوتين " ان الحل مع الغرب لا يكون الا بالقوة و هم يطالبون بإدخال فيالق النخبة من الجيش الروسي و أسلحة النخبة من دبابات و طائرات و غيرها ، و ان تقوم روسيا ، و هي قادرة ، بانهاء تلك الأزمة عبر الوصول إلى اوديسا من جهة و إلى كييف من جهة ثانية حتى الحدود البولندية ، و وضع حد لما يسمونه
" المهزلة في التعاطي مع الأمر " و ان الجيش الروسي درب و سلح لمواجهة حروب كبرى و ليس حروب عصابات على خطوط تماس يشوبها الكر و الفر طبقا لاستراتيجيات ضيقة ، خاصة أن اصحاب هذه النظرية يدركون ان الجيش الروسي لم يستعمل حتى الآن ١٠% من جنوده النظاميين و قوات النخبة و ١٠% من اسلحته الحديثة و خاصة اسراب من طائراته التي تقدر بالالاف ..
و لذا يرى المراقبين ان الجبهات التي هي باستلام قوات الشيشان و قوات فاغنر مثلا ، دائمة التقدم و لو بوتيرة بطيئة تفرضها غرفة العمليات المشتركة التي تتلقى اوامرها من وزارة الدفاع التابعة للرئيس بوتين ، و هذا ما يزعج قاديروف و فاغنر و الآخرين ..
معلومات مسربة من داخل موسكو أفادت ان بوتين تبلغ رسميا من اخصامه ان المهلة المعطاة له لإعلان " الحرب الشاملة " ليست طويلة ، و المعلومات نفسها أفادت ان الجولة الرابعة من القصف الباليستي على اوكرانيا حصلت دون أوامر رئاسية كما جرت العادة بل تخطتها ، و تجارب إطلاق صواريخ " تسيركون " النووية في المناورة التي جرت امس ايضا تخطت الاوامر الرئاسية إذ لم تكن في جدول المناورة التي وقع عليها بوتين ،
كلها رسائل لفريق عمل الرئيس ان هيبة روسيا و مصالحها لا تتوقف على شخص و لو كان يدعى " فلاديمير بوتين "