تردّدت هذه الجملة كثيراً في وداع الرفيق"جوزيف الزايك" الذي تولّى قيادة"وحدات دفاع بيروت" بعد قائدها الأوّل مسعود الأشقر.
لإسم"الوحدات" وقع محبّب وإيجابي لدى أبناء مجتمعنا الذين عاشوا الحرب على لبنان، ووقعه مرعباً على الأعداء. الوحدات" هم رجال النخبة الذين ساهموا بشكل فعّال في تحقيق الإنتصارات في المعارك العسكرية، من قنات، زحلة، الجبل وفي الكثير من المحطّات.
"جو إدّه"،"نازو"،"بوب"،"الحنون"،"الجعفر"،"بوسّي"،"البعقليني"، وأيضاً"الزايك"، أسماء توحي بالثقة والرجولة وبالطبع البطولة، فإذا كان رجال"الوحدات" هم النُخبة، فإن قادتها هم نُخبة النُخبة. إرتبط أسماء هؤلاء الرجال بأسماء المعارك التي خاضوها مع رجالهم ضدّ الجيش السوري في أكثر من موقع.
كان إسم"الزايك" يعني أشقّاء ثلاثة شاركوا في الدفاع عن لبنان منذ بدايتها،"الياس" وهو الأخ الأكبر، كان في فرقة"ب ج" مع شقيقه الاصغر"جوزيف"، هذه الفرقة التي إشتركت في الدفاع عن وسط العاصمة وخاصة في معارك الفنادق."جورج" اصغر أشقّائه شارك مع"ب ج" في معاركها، وشارك في عمليّة إسترجاع فندق"هوليداي إن" في عمليّة جنونيّة مع رفاقه"مارون مشعلاني" و"أغسطين تيغو" الملقّب ب"تيتو" ورفاق آخرين، وأصيب بعدها إصابة بليغة في رجله مما حتّم عليه إجراء أكثر من عمليّة لمعالجتها ولا زال يعرج لغاية اليوم نتيجة تلك الإصابة.
"الزايك" الياس، تسلّم مسؤوليات عسكريٌة عدّة كان أبرزها خلال الدفاع عن زحلة في العام ١٩٨١. و"الزايك" جوزيف، إرتبط إسمه بإسم"وحدات دفاع بيروت" وبكافة المعارك التي خاضتها هذه الوحدة.
"بيت طانيوس الزايك"، على غرار الكثير من العائلات التي قام شبّانها جميعهم بالإنخراط في الدفاع عن لبنان عسكريّاً إعتباراً من حرب السنتين ١٩٧٥-١٩٧٦ لغاية العام ١٩٨٥ الذي تميّز بالصراعات الداخليّة تحت عناوين وشعارات مختلفة، أو قد يختلف عليها البعض حتى يومنا هذا. الأمر ذاته يصحّ على مسار بعض هؤلاء الرجال او حتى جميعهم بعد إنكفائهم طوعاً أو قسراً وقد كانت لهم أدوار"البطولة" في ساحات المعارك. وهذا الأمر ينطبق على الجميع، الذين إنكفأوا أو أُجْبِروا على الإنكفاء، والذين لم ينكفئوا، وهذه حال "جوزيف الزايك" الذي لطالما كانت مواقفه تثير الإشكاليّات، فهناك من يؤيّده من دون سؤال أو مراجعة، وهناك من يناهضه من دون سؤال أو مراجعة، وهذا الأمر ينطبق على جميع الرجال الذين لعبوا أدوار"البطولة"(وهي بطولة حقيقيّة) من الذين إنكفأوا أو الذين لم ينكفئوا، الفارق هو عدد المؤيّدين أو عدد المخالفين.
من الممكن أن تكون"المراجعة الشاملة" لما جرى من أحداث، بصدق وواقعية ودائماً على قاعدة المحبّة، تُنْصِفْ يوماً ما، كلّ شاب شارك في الدفاع عن لبنان، وكان على إستعداد للموت في سبيله. بإنتظار"المراجعة الشاملة"، يبقى"جوزيف الزايك" في ذاكرتنا بطلاً من أبطالنا، وسبباً من أسباب بقائنا أحراراً على أرض لبنان، وهو "الآدمي والقبضاي" بشهادة جميع رفاقه الذين عرفوه.
(الرجاء عدم التعليق على النصّ إلا بما يتلاءم مع حجم الخسارة التي وقعت بوفاة أحد أبطالنا عن عمر لا يتجاوز ٦٢ سنة).