طبول الحرب تقرع في المنطقة على وقع الأزمات الداخلية التي تسود مستقبل رؤساء ثلاثة دول في العالم :

ترامب ، نتانياهو و ولي العهد السعودي ..
الولايات المتحدة الأمريكية ، اقوى دولة عسكرية في العالم ، تسودها " فوضى الرؤية المستقبلية " التي تجلت واضحة خلال الانتخابات الرئاسية و ما زالت .. فالانقسام الاستراتيجي و التكتيكي كبير جدا بين الحزبين الحاكمين حول طريقة معالجة غالبية الملفات في العالم و قد انسحب هذا الانقسام ، و لأول مرة ، إلى داخل أروقة حاكمية الولايات الامريكية و منها إلى المواطنين و الشعب الأمريكي نفسه في ظل انتشار جائحة كورونا التي تسببت بدمار اقتصادي كبير معالجته تخضع هي أيضا لتجاذب سياسي في أعلى هرم السلطة الأمريكية ..
إسرائيل بدورها ايضا تعاني ، و منذ سنتين ، عدم توافق سياسي داخلي مع صعود اسهم تيارات التشدد الإسرائيلي ، و بالرغم من جميع حقن التطبيع السياسية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لحزب الليكود ، لم يعد يستطيع نتنياهو قيادة السفينة الإسرائيلية كما كان يشتهي ، و بالتالي انتقلت إسرائيل إلى أزمة داخلية أصابت رأس الهرم السياسي برؤيته الاستراتيجية مرورا بالجيش وصولا إلى القواعد الشعبية المنقسمة حول مفهوم " اين إسرائيل غدا " ..
المملكة السعودية تعاني أكبر أزمات سياسية في تاريخها ، اكانت الملفات الخارجية مثل حرب اليمن و اقتراب التطبيع المفروض عليها مع إسرائيل أو ملفاتها الداخلية و على رأسها انتقال الارث السياسي في المملكة و تعقيداته و انكشافها في ملفاتها الإنسانية و الحقوقية أمام العالم أجمع ، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية التي تراجعت مؤخرا بسبب عوامل خارجية و داخلية عدة ..
من أزمات هذا المثلث الدولي السياسية تتفرع أزمات بقية دول المنطقة ، كالعراق و لبنان و فلسطين و سوريا و اليمن و ليبيا ، التي تدور في فلك ذلك الانقسام الداخلي لكنها تسير على هامشه دون أية إمكانية سياسية داخلية لها للخروج من عين العاصفة ..
لماذا وصلت هذه الزعامات إلى ما وصلت إليه ؟
الخطأ الاستراتيجي الكبير الذي وضع المنطقة اليوم على حافة برميل البارود لا شك ارتكبته الإدارة الأمريكية المتمثلة بدونالد ترامب ، الذي هندس سياساته تجاه إيران على أساس أنه فائز بولاية ثانية حتما ، فتكون الولاية الأولى بمثابة خنق لمقدرات ايران و تأتي الثانية لتعليق مشنقتها و مشنقة حلفاءها السياسية ، و هذه المعادلة كانت السبب الرئيسي لانفجار الأزمة داخل إدارة ترامب نفسه و مستشار الأمن القومي جون بولتون كان أول ضحاياها ،
لكن حسابات الحقل الترامبي لم تنطبق على حسابات بيدر الواقع ، فوجد نفسه هذا المثلث في أزمة وقت ..
فحاول إنجاز خطة مقررة على ثمان سنوات بشهرين ، فسلق التطبيع سلقا بمن حضر ، و راكم العقوبات على إيران ، و شل الحلول في الدول المجاورة ، و ها هو اليوم ينازع داخليا للتشبث بما ممكن أن يتبقى له اساس يبني عليه مستقبل ..
و السؤال الذي يطرحه و يناقشه ترامب و نتنياهو و ولي العهد السعودي هو : هل نستطيع اختصار انجازات ولاية ثانية سياسية كانت مفترضة بعشرين يوم حرب متبقين ؟؟
منطقيا الجواب معروف ، لكن بوجود ثلاثة شخصيات متشابهة بالعجرفة و قلة الرحمة و جنون العظمة ،
لا يعود للمنطق قيمة ..