إذا فشلت جولة وزير الخارجية الفرنسية لو دريان في بيروت ، و هذا المرجح ، تكون المبادرة الفرنسية قد ولت دون رجعة ، و تكون فرنسا فشلت في خطف و إخراج الوطن الصغير من قلب العاصفة الإقليمية و الدولية التي تحيط به ..

أما أسباب الفشل الفرنسي فكثيرة ، منها القديم و منها الجديد ، و السؤال : ماذا بقي لفرنسا في لبنان ؟
هل لبنان الذي انشىء عام ١٩٤٥ يشبه لبنان اليوم ؟
و هل فرنسا اليوم تشبه فرنسا الأمس ؟
و ماذا تنفع العقوبات التي تهلل فرنسا بفرضها على بعض السياسيين اللبنانيين ، بينما العقوبة الحقيقية هي بحق فرنسا عبر كف يدها التاريخية عن لبنان ؟
لطالما كان لبنان و سوريا و جزء من العراق من حصة فرنسا عبر تركيبة سايكس بيكو التاريخية ، و لطالما كانت سياسات و إدارات تلك الدول تتركب طبقا لمصالح فرنسا ،
فأين الحصة الفرنسية في العراق اليوم ؟
و أين سوريا من الحصة الفرنسية اليوم ؟
و لماذا تعاقب فرنسا شركاءها في بيروت بينما هي من ساهمت ، عبر باريس ١ و ٢ و ٣ ، في إطلاق يد الفاسدين لنهب أموال الشعب عبر التلزيمات و المشاريع الفضفاضة التي جيرت أموالها إلى حساباتهم الخاصة في المصارف الفرنسية في باريس ؟
الم تلاحظ الإدارات السياسية الفرنسية المتعاقبة ، و على مر السنوات ، كمية الهدر و الفساد في إدارات الدولة اللبنانية ؟ تلك الإدارات التي اسست و انشئت توأما للادارات الفرنسية ؟
استفاق ماكرون من سباته العميق على وقع انفجار مرفأ المصالح الفرنسية في بيروت ، فهرع إلى قصر الصنوبر التاريخي عله يلتقط امجاد ماضي فرنسا الحرة ، فأطلق مبادرة فرنسية أصلية في عز التجاذب الأمريكي الإيراني ، فأصيبت بصواريخ شنيكر الأمريكي ، فعاد و عدلها من مبادرة فرنسية أصلية إلى مبادرة فرنسية مطعمة أمريكيا ، فأصيبت بالصواريخ الإيرانية ، فسقطت مرة ثانية .. فقرر انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ..
اليوم و من قصر الإليزيه ، تتفرج فرنسا على حوار أمريكي إيراني مباشر ، و حوار سعودي إيراني مباشر و مؤخرا حوارا سوريا سعوديا مباشرا ..
أين دور فرنسا من كل هذه الحوارات سيد ماكرون ؟
أين سيكون دور فرنسا و مصالحها في لبنان بعد نتائج تلك الحوارات سيد ماكرون ؟
لقد عوقب الدور الفرنسي دوليا في لبنان ، كما عوقب في العراق سابقا و سيعاقب في سوريا لاحقا ، فماذا تبقى لك ؟
هل ستجد دورا سياسيا في عقاب شركاءك في بيروت ؟
طبعا لا .. فمن ستعاقبه قد لا يكون له دورا أصلا مستقبليا ..
الذي يستوجب العقاب سيد ماكرون هي السياسة الخارجية الفرنسية التي تزلفت و انحنت للمصالح الأمريكية منذ اجتياح العراق و داست على المصالح و الكرامة الفرنسية ..
فلا تستفيق على مرفأ في بيروت مدمر ،
بل استفق على أمة فرنسية عزلت عن تاريخها ..!