في هذا الشرق تنام على أنغام اغنية امريكية تصدح " حرية و ديموقراطية و سلام الشجعان و سلطة و ثورات ملونة و جمعيات مدنية و سلام و تطبيع و حقوق الإنسان " ،

و تستفيق من أحلامك على كوابيس الكاوبوي الأمريكي و هو يركب طائراته و سفنه و يسحب سفرائه و جيوشه و يغادر منزلك تاركا الأبواب مفتوحة مشرعة لاعدائك..
لاأعرف اي نظرية يمكن ان تشرح مشاهد افغانستان ..
فالبعض يقول انها خطة B الامريكية لاطلاق وحش طالبان ضد كل الخصوم في ايران و روسيا و الصين ..
و يستندون على دليل انها تمت بعد سنوات من المفاوضات مع طالبان في قطر ، و ان أمريكا تخرج بهذا الشكل كي تبرئ نفسها من اي سلوك لطالبان ضد الجوار اتفق على تنفيذه كمهمة لطالبان مقابل اعادتها للسلطة ..
و البعض يقول ان اميركا تلوذ بالفرار بعدما تعبت و كلت من محاولة انشاء دولة عصرية في افغانستان كما وعد جورج بوش الابن بعد الاجتياح باسبوع " دولة تتمتع بحقوق الإنسان " ..
ولكن مهما كان التفسير والتحليل فان هناك شيئا واحدا ثابتا و هو ان اميركا تلعب بالبشر الذين يخدمونها في اي لعبة تلعبها .. فيوم خلقت طالبان كان الهدف مواجهة الاتحاد السوفياتي و في يوم آخر سحقتها و قتلتها و جلست مكانها ، ثم اعادت طالبان المسحوقة اليوم لتسحق بها من كان حليفها لعشرين سنة ..
كمن يغير طاقم الخدم على سفرة عشاء ..
طاقم الخدم لا يتغير في افغانستان فقط .. بل هو مرشح للتغيير في كل تحالف تجريه اميركا على رقعة الشرق ..
فأي تحالف ، لا تفهمه و لا تراه اميركا الا انه عقد خدمة تنتهي صلاحيته مثل اي منتج عليه تاريخ صلاحية ..
و لذلك فان تحالفها مع الحركات الاخوانية والاسلام السياسي مثل تحالفها السابق مع طالبان .. ثم انقلابها عليها ثم انقلابها على من حل محل طالبان .. و " مرسي " مصر اكبر دليل حي في العصر الحديث ..
لكن أمريكا لا تعامل فقط المسلمين بهذه الطريقة السهلة في استبدالهم بمسلمين آخرين او بخدم سفرة ..
نظرة تاريخية على لبنان تعطيك انطباعا ان الإدارة الأمريكية لا ترى فرقا بين مسلم او مسيحي و ربما يهودي ايضا ..
خلال الحرب الأهلية اللبنانية ، كان مسلما به ان حصة امريكا في الصراع الدائر كان ما يسمى المنطقة الشرقية ..
و كي لا نغوص في التاريخ السياسي لتلك المنطقة ، يكفي ان ننظر إلى آخر سنتين من عمر ما سمي بالحرب الأهلية في لبنان ، لنرى " مرسي و اشرف غاني و صدام حسين " إنما على الطريقة اللبنانية و بالانتماء المسيحي ..
انقلبت امريكا على حصتها في لبنان ، المنطقة الشرقية ، من اجل ان يقف حافظ الأسد إلى جنب الامريكيين في صراع العراق و الكويت و يرسل بضعة مئات من جيشه للاستلقاء تحت أشعة شمس الحدود العراقية الكويتية ..
فنفي ميشال عون و سجن سمير جعجع و دخل الأسد عرين الحصة الأمريكية في لبنان مكرما معززا مطلق اليدين ..
و ثم لاحقا ، و عندما ارادت الإدارة الأمريكية تبديل طاقم الخدم ، خرج الأسد و عاد إلى بيته ،
و فتح الباب مجددا لعودة عون و خروج جعجع ابطالا لسفرة جديدة يعد عليها الطباخ الأمريكي مشروعا آخر ..
قد ينجح اي مشروع سياسي أمريكي و قد لا ينجح ، فهذا ليس مهما دائما ، المهم ان هناك دائما وجوه سابقة و جديدة مستعدة لخدمة قائمة الطعام ..
إن فشل الطباخ يقفل المطعم و يطرد الخدم ..
العبرة لمن يعتبر فقط !