ماذا يعني توقيت رفع درجة التأهب النووي الروسي ؟

للإجابة على السؤال ، لا بد أن ننظر إلى الوضع العام القائم في اوكرانيا من خلال نقطتين :
- نقطة اوكرانيا كدولة كان يحضرها الناتو لتكون شوكة عسكرية في خاصرة روسيا
- نقطة منظمة الناتو نفسها و امتداداتها الدولية في السياسة و الأمن و الاقتصاد
لا شك أن القيادة الروسية التي كانت تراقب الوضع في اوكرانيا و حركة الناتو داخله منذ ٢٠١٤ ، وضعت عدة خطط او سيناريوهات في حال ارادت نزع تلك الشوكة من خاصرتها ، و لا شك انها اخذت في عين الاعتبار حتى مشاركة الناتو داخل الحرب في اوكرانيا عبر جيوشه ، و طبعا ، اخذت في عين الاعتبار جميع انواع العقوبات التي قد تفرض عليها ، بدءا من فصلها من نظام سويفت وصولا إلى توقف استيراد الغاز و النفط ، لا بل اخذت في عين الاعتبار " الطلاق الكامل " مع الغرب مع ما يعنيه هذا على كل الاصعدة الاجتماعية و الثقافية و الرياضية و المالية ..
بما يتعلق بالنقطة الأولى ، اي العملية العسكرية داخل اوكرانيا ، رأت القيادة الروسية أن الأمور لا تحتمل التأجيل ، فالطرف الاخر اقفل سبل الحوار مع روسيا و لم يبد اي تفهم للمخاوف الأمنية الاستراتيجية التي اثارتها روسيا مع الجانب الأمريكي عبر الرسائل المتبادلة ، ناهيك عن الحشود الاوكرانية على حدود الدونباس مع تدفق السلاح الغربي المتطور و المستشارين الأجانب لتدريب القوات الاوكرانية ،
فكان الضوء الأخضر بالدخول في عملية عسكرية تهدف الى إسقاط النظام الاوكراني القائم و نزع سلاح اوكرانيا ، و هي عملية قد تمتد شهرا على الاقل كي تحكم القوات الروسية سيطرتها على الخلايا النازية المنتشرة بين السكان ..
على مقلب آخر ، رأى الناتو ان لا ضرورة لدخول قواته أرض المعركة و التمرغ بوحول اوكرانيا و فضل الذهاب نحو تطبيق العقوبات على انواعها و التي طالت ما طالته على المستوى الاقتصادي و الثقافي و الرياضي و الاجتماعي ، مع تركيز اعلامي كثيف جندت له ٩٠% من الوسائل الاعلامية العالمية ، مثل العادة ، بالإضافة إلى تركيز خاص على الرئيس بوتين لتصويره قائد عصابة فقد عقله و مصاص لدماء الشعوب و ما إلى هناك من نعوت و صفات تتبارى وسائل الإعلام باطلاقها يوميا ..
مفترض أن تكون القيادة الروسية متفهمة لنوعية العقوبات القاسية على الدولة ، فهذا قد أخذ بعين الاعتبار قبل القرار ببدء العملية ،
لكن الذي " لم و لن تفهمه " القيادة الروسية او بوتين شخصيا هو إذلال المواطنين الروس الذي يحصل حول العالم ، إن كان قيام البعض بطرد الطلاب او المرضى من المستشفيات او قيام بعض الدول عن الإعلان انها بصدد الاستيلاء على ثروات المواطنين الروس و على ممتلكاتهم و سياراتهم و ما إلى هناك من أمور شخصية تمس بالكرامة و تقفز فوق حقوق الإنسان الطبيعية المصانة في عالمنا اليوم ،
إنما ما يحصل من عقوبات لا تستهدف الدولة الروسية كدولة إنما تستهدف كرامة و احترام الشعب الروسي الذي ازهق اكثر من مليوني قتيل كي يدخل برلين و يطيح برأس هتلر حين كانت القوات الغربية ما تزال تستجم على النورماندي الفرنسية ..
للذين يعرفون الرئيس بوتين شخصيا ، يدركون أن
رفع درجة التأهب النووي ليس إفلاس او تسرع او خطأ
بل هو مقصود إلى أبعد الحدود ..
بوتين هو لاعب شطرنج و بنفس الوقت لاعب جودو ،
و عندما تنتهي العملية العسكرية في اوكرانيا
ستبدأ عملية تحصيل كرامة الشعب الروسي نوويا ..
عندها سنرى إن كان للغرب اي كرامة !