مَن هُم جنود الرَبّ؟

 مَن هُم جنود الرَبّ؟

جنود الرَبّ هُم جماعة مِن الشباب المسيحيّ المُلتزم والمؤمن بربّه وبتعاليم كنيسته.
مِن أين جاؤوا بتسمية "جنود الرَبّ"؟
لقد جاؤوا بالتسمية مِن الكتاب المقدَّس، الذي يقول:
• "قَدِّسُوا رَبَّ الْجُنُودِ" (سِفر إشعيا 8: 13)، فإنّ رَبّ الجنود إله حَيّ هو:
"حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ" (سِفر الملوك الأول 18: 15).
إن خيار التسمية هذه، المُستمَدّ مِن الكتاب المقدَّس، يُشبه خيار "حزب الله" الذي استمدَّ تسميته أيضًا مِن كتاب القرآن الكريم:
• "فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" (سورة المائدة، الآية: 56).
ولماذا اختار "جنود الرب" بأن يكونوا جماعة مسيحيّة أصوليّة؟ وما وجه الشبه بين أن تكون الأصوليَّة مسيحيّة أو أن تكون الأصوليّة إسلاميّة؟
إن المؤمنَ وحين تتّجه خياراته نحو أن يكونَ أصوليًّا، يكون قد قرَّر العودة إلى أصول الدين والالتزام بها، وهي الأصول المتوفِّرة تعاليمها في الكُتُب المقدَّسة.
وجنود الرَبّ، ولأنهم قرَّروا الالتزام فكرًا وممارسة بأصول الدين، فقد بات مِن المحتَّم عليهم الالتزام بتعاليم المسيح حسب ورودها في الكتاب المقدَّس، والتي تقول:
• "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ" (مَتّى 5: 44).
• "وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ " (رسالة يوحنا الأولى 4:
.
وفي المقابل، فإذا ما قرَّر المُسلم المُسالِم بأن يُصبح أصوليًّا في إيمانه، يكون قد قرَّر بأن يُصبح تكفيريًّا دمويًّا يسعى إلى قتل الكفّار والمشركين تنفيذًا لتعاليم الآيات حسب ورودها في كتاب القرآن الكريم، والتي تقول:
• "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم" (سورة المائدة، الآية: 72).
• " لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ" (المائدة، الآية: 73).
• "فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ" (سورة محمَّد، الآية: 4).
وسيتبيَّن لنا أيضًا كيف أن المسيحيّ كافرًا كان أو مشركًا، سيكون مصيره القتل في عُرف الحركات الأصوليّة الإسلاميّة أمثال داعش وحزب الله وبوكو حرام...
• "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا" (سورة آل عمران، لآية 67).
• "وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ" (سورة التوبة، الآية: 3).
• "إنَّ اللهَ لا يغفرُ أنْ يُشركَ بهِ و يَغفرُ ما دُونَ ذلكَ لمَنْ يشاءُ" (سورة النساء، الآية: 48).
• "وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ" (سورة الحج، الآية: 26).
• "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ" (سورة التوبة، الآية: 28).
• "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ" (سورة التوبة، الآية: 5).
وإن المسيحيّ الضال حينما يُقَرِّر بأن يُصبح أصوليًّا، يكون قد قرَّر بأن يصبح مُلزَمًا باعتناق المحبّة، وبواجب الغفران، إلى مَن يسيئ إليه، إلى سبعين مرّة سبع مرّات.
• "حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: "يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟". قَالَ لَهُ يَسُوعُ: "لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ" (متّى 18: 21-22).
في حين أنّ المُسلِم إذا ما قرَّر الالتزام كتابيًّا، يكون قد حرَّم على نفسه تطبيق مبدأ الغفران هذا:
• "إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" (سورة التوبة، الآية: 80).
هذا فضلًا عن وجود آيات قرآنيّة عديدة أُخرى تدعوا إلى القتل والتعذيب، وإلى تحريم خضوع المسلِم لدولة يحكمها أولياء أي حُكّام كُفّار:
• "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ"
(سورة التوبة، الآية: 14).
• "أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ"
(سورة المائدة، الآية: 33).
• "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (سورة المائدة، الآية: 51).
• "فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ.. فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا" (سورة النساء، الآية: 89).
وللعبرة نقول، تخيَّلوا لو أن المُسلِم الحضاريّ المُسالِم في "دُبَيْ" قَرَّر التحوّل إلى مُسلِمٍ أُصوليٍّ، لتَحَوَّلت معه دبي مِن دبي نيويورك الشرق إلى دبي قندهار الشرق، تمامًا كما هو حاصل في لبنان الذي بوقوعه تحت سيطرة ميليشيا حزب الله الأصوليّ، تَحَوَّل مِن لبنان سويسرا الشرق إلى لبنان جهنّم الشرق.
وقبل الختام نعود لنسأل: ماذا يريد جنود الرَبّ؟
ليس لجنود الرَبّ أيّة نيّة في تأسيس حزبٍ سياسيّ جديد، أو أيّة نيّة في تأسيس كنيسة جديدة، بل هم أبناء أوفياء لكنائسهم مِن كاثوليكيّة وأرثوذكسيّة وإنجيليّة، يجمع في ما بينهم شخص يسوع الرَبّ رَبّ الجنود.
إنّ جُلّ ما ينشده جنود الرَبّ، إيمانيًّا، هو أن يكونوا جنود الكلمة الذي صار جسدًا.
وجُلّ ما ينشده جنود الرَبّ، مسلكيًّا، هو أن يكونوا جنودًا في خدمة الكرازة والبشارة بالمسيح القائم مِن بين الأموات ساحق إبليس.
وجُلّ ما ينشده جنود الرَبّ، وطنيًّا، هو أن يكونوا أُناسًا لا يَعتَدون ولا يُعتَدى عليهم.
إنهم أُناسٌ لا يسمحون بأن يُعتدَى عليهم جسديًّا؛ لأنّ أجسادهم باتت مقدَّسة، بَعد أن أصبحت هياكل للروح القدس.
إنهم أُناسٌ لا يسمحون بأن يقتلهم أحد؛ لأن أرواحهم هي زرع الله فيهم، هي أمانة في أعناقهم، وليست مُلكًا لهم، بل مُلك الله الذي تعود إليه وحده حصريّة حريّة التصرّف بها.
جنود الرَبّ جماعة مِن البشر، فإن أخطأوا، تجدهم يتوبون إلى رَبِّهم ساجدين في كنائسهم مُصَلّين.
جنود الرَبّ جماعة تُجاهد روحيًّا مِن أجل بلوغ الكمال، عَملًا بوصيّة المسيح لهم:
• "فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ" (إنجيل متى 5: 48).
وعليه، وعلى ضوء كلّ ما تقدَّم، يُصبح مِن الجائز لنا القول والتعميم بإنّ تسمية "جنودُ الرَبّ"، هي تسمية شاملة تَعني كلّ مسيحيٍّ قرَّر تسليم ذاته للربّ.
23-ك1-2023
جنديّ الرَبّ
د. عماد شمعون