Image result for youssef bek karam
الوطن الأسطورة
٩٦ـ يوسف بك كرم (١٨٢٣ ـ ١٨٨٩)
سأله "الصدر الأعظم" كيف تحضر أمامي وسيفك على خصرك؟، فأجاب: هذا سيف لبنان، إذا سقط من يدي سقط لبنان.
هو إبن بطرس كرم حاكم إهدن وجوارها، تميّز بشجاعة نادرة مقرونة بالحكمة والغيْرية والسيرة النقيّة، ومحبة لبنان بعد الله.
رفض الرضوخ للإحتلال العثماني، فثار عليه وأنشأ جيشاً من ماله الخاص، فأرسل "الباب العالي" عدّة حملات عسكرية لقمع ثورة يوسف كرم، فواجه هذا الأخير الجيش العثماني الجرّار في ١٢ موقعة، انتصر فيها جميعاً انتصاراً ساحقاً، بالرغم من اختلال ميزان القوى بشكل كبير لصالح العثمانيين.
٩٧ـ وعلى سبيل المثال نذكر معركة بنشعى الكبرى في ٢٨ / ١ / ١٨٦٦ كنموذج عن تلك المعارك، حيث تمكّن يوسف كرم على رأس ٤٠٠ مقاتل من دحر الجيش العثماني المؤلف من ٥٠٠٠ خمسة آلاف جندي، فهزمه شرّ هزيمة ولحق بفلوله الهاربة حتى مداخل طرابلس، فقتل منه حوالي الألف جندي وغَنِم ٦٠٠بندقية و ٣٠ برميلاً من البارود، ولم يخسر سوى ثمانية شهداء فقط.
٩٨ـ وصلت شهرة يوسف كرم إلى أقاصي الأرض، فسارعت السلطنة إلى البحث عن حل سياسي للتخلص منه بعد أن فشلت عسكرياً في ذلك، فاتفقت مع قناصل الدول الغربية على إبعاده بموافقة البطريرك الماروني وبتواطؤ من قنصل فرنسا.
حصل الإجتماع في بكركي بحضور جميع المعنيين، وحضر يوسف كرم أيضاً، وعندما أبلغوه قرار الإبعاد قال جملته الشهيرة: "إذا كان الخيار أن أموت أنا ويحيا الشعب، فمرحباً بالموت وليعيش شعبي ويعيش لبنان.
وسط وداع شعبي حاشد، غادر يوسف بك كرم لبنان في ٣١ / ١ / ١٨٦٧ على متن بارجة حربية فرنسية أرسلها له نابليون الثالث.
تنقّل في عدّة بلدان أوروبية محاولاً العودة إلى لبنان ولكنه لم ينجح، فتوفي في مدينة رازينا الإيطالية بتاريخ ٧ نيسان ١٨٨٩. وكأن قدر الأبطال الأنقياء أن ينتهوا في المنافي كما انتهى فخر الدين من قبله.
٩٩ـ في العام ١٩٥٨ حاول جمال عبد الناصر ضمّ لبنان بالقوة إلى الوحدة المصرية ـ السورية التي سمّيت يومذاك "الجمهورية العربية المتحدة"، فقاومه اللبنانيون الأحرار برئاسة كميل شمعون وأعادوه خائباً إلى بلاده، وبعد أشهر قليلة سقطت هذه الوحدة غير المأسوف عليها، وساهمت لاحقاً في سقوط كل محاولات الوحدة بين باقي الدول العربية.
١٠٠ـ في العام ١٩٧٥ انطلقت الحرب الفلسطينية على لبنان بزعامة ياسر عرفات تؤازره كافة المنظمات والفصائل الفلسطينية، وعدداً من المنظمات الإرهابية مثل منظمة بدرماينهوف الإلمانية، والجيش الأحمر الياباني، والألوية الحمراء الإيطالية، وكارلوس الإرهابي، وعدد كبير من المرتزقة العرب والأفارقة، إضافة إلى دعم كافة الأنظمة العربية وعلى رأسها النظام السوري عِبرَ جيش التحرير الفلسطيني ومنظمة الصاعقة... إلخ. وذلك تنفيذاً للمخطط الأميركي الذي أعدّه هنري كيسنجر والقاضي بإعطاء لبنان إلى الفلسطينيين وطناً بديلاً عن وطنهم تمهيداً لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
١٠١ـ نجح كيسنجر في الحصول على تأييد معظم الدول العالمية بما فيها الدول "الصديقة" كفرنسا مثلاً، ونجح أيضاً في تأليب اللبنانيين على بعضهم، وتحييد الجيش تمهيداً لإنهياره. أما الإتحاد السوفياتي فكان مرتبطاً بمعاهدات صداقة ودفاع مع ياسر عرفات وحافظ الأسد.
١٠٢ـ وبالرغم من كل ذلك، وخلافاً لكل التوقعات والنصائح بعدم المواجهة والتسليم بالأمر الواقع ، وقف اللبنانيون الشرفاء وقفة واحدة، فارتجلوا جيشاً بديلاً معظم أفراده من تلامذة المدارس والجامعات، وراحوا بسلاح فردي وبدائي يتصدّون لهذه الغزوة ـ المؤامرة.
١٠٣ـ لم تمضِ أشهر قليلة حتى انتقل اللبنانيون من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، وراحوا يهاجمون المنظمات الفلسطينية في معاقلها أي في مخيماتها التي تحوّلت إلى معسكرات، فبدأت تسقط تباعاً وعلى رأسها معسكر تل الزعتر الشديد التحصين، معلنةً إنتصار المقاومة اللبنانية على هذا المخطط الدولي الجهنمي.