استفاق أمس ملك الملوك من سباته الصحراوي العميق الذي طبع فترة " ما قبل و خلال و ما بعد " التطبيع الإماراتي و البحريني مع إسرائيل ،

و تموضع الملك الحريص على كرسيه الأمريكي الوثير ،
ثم نظر نظرة شمولية على أوضاع المنطقة الشرق أوسطية :
فلم ير لا حربا و لا دماء أو دمارا في جارته اليمن ،
و لم يلحظ لا حصارا و لا استيطان و لا مأساة في فلسطين ،
و لم يكلف نفسه النظر إلى ما اقترفت خزينته في سوريا ،
و لم تهزه أحوال العراق الشقيق المدمر ،
و لم يلحظ مصر العروبة و اهتراء ارضية دولتها ،
و لم يستغيث النظر نحو الأردن و اقتصاده المنهار ،
و لم ير ليبيا العربية التي تشلعت إلى " ليبيات " تتناتش ،
و لم يلحظ تبدل قطر العربية إلى قطر العثمانية ،
و لا رأى الغزو و التغلغل التركي لغالبية مفاصل الأمة ...
و لم ير ملك الملوك من علياءه ،
لبنان الصغير الغريق المتخبط في مشاكله الداخلية و الخارجية ، النازف في خزينته ، الفاقد لدور مرفأه ، الدائن في حساباته ، الجاثم تحت اعداد اللاجئين الفلسطينيين و النازحين السوريين ، المتوجه نحو الانهيار الشامل ، المشلع ما بين الدور الإيراني المتقدم و دور مملكته المتراجع ،
لبنان ساحة الصراع الفرنسية التركية و الأمريكية الروسية ،
لبنان الطائفية و لبنان المذهبية في آن معا ،
لبنان الواقف ما بين بوابة سوريا و بوابة إسرائيل ،
لبنان الشهيد الحي من جراء اتفاقية الطاءف ..
جل ما رآه ملك الملوك ، شمالا ،
مبادرة خارجية فرنسية لانتشال لبنان من القعر عبر محاولة فصل المشاكل الداخلية عن المشاكل الخارجية ،
و جل ما رآه ملك الصحراء ، يمينا ،
سكاكين أمريكية و سواطير لبنانية تنخر جسد المبادرة الفرنسية لإبقاء خلطة المشاكل الداخلية و الخارجية ..
فأبى إلا أن يشارك في لعبة السيوف الأمريكية ،
و هو من أهدى الرئيس الأمريكي السيف المذهب المطعم ،
فانتظر لحظة قيام المغضوب عليه " سعدو بن سعود " بالتراجع عن طعن المبادرة الفرنسية و التقدم خطوة وطنية ،
حتى غرز خنجرا عربيا أصيلا في تحالف رؤساء الوزراء السنة ، فتبرأ ، على الفور ، من سعدو الآخرين ،
و أكمل مهمته الأمريكية بغرز خنجر ثان في قلب ما تبقى في روح المبادرة الفرنسية عبر نعيقه الاعلامي العابر للصحاري :
" أن جميع مشاكل لبنان سببها سلاح حزب الله .."
مفرغا حقده و كراهيته المذهبية في عمق الأزمة اللبنانية ،
علها تدفن المبادرات و المحاولات لرأب الصدع ،
و تبقي وطن الأرز في مراسم نزاعه تمهيدا لدفنه ..
لهذه المملكة و لملوكها و امراءها المتخاذلين ،
على مر التاريخ ، تحمل لبنان وحده ثمن جهلكم السياسي و ثمن انبطاحكم الغربي ، و ثمن خلافاتكم و مصالحاتكم ..
فحمل في جسده آثار القضية الفلسطينية ، و كامب دايفيد ، و حربكم العراقية الإيرانية ، و اتفاقية اوسلو ، و الانتفاضات الفلسطينية ، و اجتياح العراق ، و ربيعكم العربي ، و حمل آثار حربكم على سوريا و خلافاتكم مع تركيا ، و الخلافات العربية العربية ...
و الآن تحملونه آثار التطبيع مع إسرائيل ..
حمل فسادكم في مؤسساته بعد الطاءف و نظام الرشوة الذي تتبعونه و المحاصصة و الهدر ، فطبق موظفكم الأمين ما شب عليه عندكم ، فاشرك الجميع بالوليمة على حساب الشعب ،
فبنى حجارة الوطن على أرواح المواطنين ،
فطبق مثالكم بأمانة و حتى تفوق عليكم ..
فلا بنى دولة في حياته و لا بقيت دولة بعد مماته ، بفضل اياديكم العابثة و حقدكم الدفين و مذهبيتكم الصارخة ..
حرروا " سنة " لبنان من مذهبيتكم العقيمة ،
فهم ادرى بكيفية " نزع سلاح حزب الله " من دونكم