من يصدق الخرافة فانه سيعيش في الخرافة .. ولن تقتله الا خرافته ..

و اليهود كمجموعة بشرية تعيش في تلك الخرافة من أنها شعب مختار وهبه الله أرضا .. ولكن تلك الخرافة تكشف هشاشة هذه العقلية التي تنفرد من بين كل شعوب الارض ومخلوقاته أنها لا تقدر على الشعور بملكية الارض والانتماء الطبيعي لها الا بوجود صكوك ورقية ..
فكل شعوب الارض تملك أرضا و جغرافيا دون أي وعد أو صك الهي .. بل بحكم القدر والانتماء والاستمرار .. الا شعب الله المختار فانه استولى على أراض في بلاد كنعان ولجأ الى تبرير الملكية عبر صك الهي سماه وعد الله أو هدية الله اليه .. ولذلك فانه فقد الارض بمجرد ان خسر المعركة مع الشعوب المجاورة و لم يتصرف كشعب له ملكية راسخة وانتماء حقيقي .. لأن ملكية الارض هي الانتماء لها وليس لأنها هبة او عقار تم بيعه او شراؤه ..
فعندما هزم العبرانيون – حسب رواياتهم – فانهم لم يتصرفوا كأمة تقاوم و تحارب و ترفض و تمارس حرب التحرير .. بل تركت وغادرت الى الشتات على عكس كل شعوب المنطقة و العالم التي رغم الهزائم فانها تبقى ولا تغادر و تنتظر في مكانها فرصة الانبعاث والتحرر على أرضها .. اليهود فقط و لسبب ما قرروا ان الارض يسترجعها الله لهم وليسوا هم من يسترجعها ..
وحتى عندما اطلق مشروع الدولة العبرية الحديثة فانها أيضا انتظرت صكا جديدا بشريا هو وعد بلفور .. والذي كان حاشية جانبية تنفذ أمر الله على صك الاله ..
وايضا في قضية القدس فان العقل العبراني لايستطيع ان يحس انه يملك المدينة رغم انه يعيش فيها اليوم و يتصرف كالمالك .. الا انه يحتاج الى توقيع ما بملكيته .. فيأتي ترامب ويعطيه ورقة لاقيمة لها تقضي بملكيته .. وكأن هذه الورقة غيرت من الحقيقة ..
اليوم يأتي العبرانيون بشهود زور لتوقيع صكوك جديدة عن ملكيتهم للأرض .. وهذا الاصرار على الملكية بصكوك تأتي من السماء و الارض يدل على ان الايمان بالملكية مهزوز .. فالأوطان ليست عقارات .. بل هي تراب وانتماء والصك فيه هو الانسان نفسه وأشجاره التي زرعها وآباؤه المدفونون فيها وأثار مدنه وحضاراته الكثيرة ..
وغير ذلك هو ورق وحبر ينقع ويشرب ماؤه .. وكتابة صكوك يعني ان الارض تباع وتشرى بصكوك أيضا .. فقد يأتي زمن يوقع فيه رئيس أمريكي صكا بملكية فلسطين لشعب آخر طالما ان اليهود رضوا بأنه هو من يمنح الارض بصكوك .. فما يعطى بصك سيباع بصك ..