لا حقوق للفلسطينيّين بفلسطين؛
لأنّهم جاؤوها فاتحين غزاة..
وسيبقون محتلين وغزاة ما داموا مُصرّين على القول بأنَّهم عرب.
وفي ما لو اعترفوا جهارًا بكنعانيّتهم فسيصبحون عندها مِن أهل الأرض وحرّاسها.
والكلام هذا ينسحب على كلّ لبنانيّ يقول بأنّه عربيّ الهويّة والانتماء.
فاللبنانيّ حين يعترف بعروبته، يكون قد أعلنها صراحة بأنّ وجوده في لبنان ليس بالوجود الأصيل، بل وجود محتلٍّ جاء لبنان زمن الفتوحات العربيّة. فلبنان الفينيقيّ لَم يعرف العرب قَبل زمن تلك الفتوحات الإسلاميّة العربيّة.
إلّا أنّنا، ومِن بَعد ولادة لبنان الكبير، بتنا نتساوى بالمواطنة في ما بيننا نحن الفينيقيّين أصحاب الأرض، وبين المحتلّين العرب، وذلك مِن خلال حَمْلِنا المشترك لنفس الجنسيّة اللبنانيّة.
ولا يغيبَنّ عن بالنا بأن هذا اللبنانيّ العربيّ الذي جاء لبنان محتلًّا، نجح لاحقًا بَعد أن أصبح شريكًا لنا بالمواطنة، في أن يهزمنا مجدَّدًا نحن أصاحب الأرض والتاريخ، مِن خلال اتفاق الطائف الذي تمّ فيه استبدال عبارة "لبنان ذو وجه عربيّ" التي كانت واردة في دستور سنة 1926، بعبارة أخرى، هي: "لبنان عربيّ الهويّة والانتماء"، وهي العبارة التي تمّ تضمينها في الدستور اللبنانيّ بَعد أن تمّ تعديله بموجب بنود اتفاق الطائف سنة 1989.
وهو ما سنظلّ نعارضه مِن مسلمين فينيقيّين ومسيحيّين فينيقيّين، ومِن سائر القوميّات الإسلاميّة غير العربيّة والقوميّات المسيحيّة غير العربيّة، حتى نتمكّن مِن تصحيح الدستور عبر تعديله لصالح تضمين الدستور اللبنانيّ عبارتنا العادلة، والتي تقول: "لبنان تعدّديّ الانتماءات دينيًّا وقوميًّا"،
أي أنّ لبنان، وعلى الصعيد الدينيّ، فيه: المسيحيّ، والسنيّ والشيعيّ، والدرزيّ، واليهوديّ، والعلويّ...
وأنّ لبنان على الصعيد القوميّ، فيه: الفينيقيّ، والعربيّ، والأرمنيّ، والشركسيّ، والأشوريّ، والكرديّ، والهلّينيّ،
والتركمانيّ، والكلدانيّ واللاتينيّ...
وهذا ما يُؤكِّد أن المسلمين في لبنان هم متعدّدي الانتماءات القوميّة، فمنهم المُسلِم الفينيقيّ، والمُسلِم التركمانيّ، والمُسلِم الكرديّ، والمُسلِم الشركسيّ، والمُسلِم العربيّ...
وهذا ما يؤكِّد أيضًا أنّ المسيحيّين في لبنان هُم بدورهم متعدّدي الانتماءات القوميّة، ففيهم المسيحيّ الفينيقيّ، والمسيحيّ الأشوريّ، والمسيحيّ الأرمنيّ، والمسيحيّ الكلدانيّ، والمسيحيّ الهلّينيّ... مع انتفاء وجود المسيحيّ العربيّ؛ لأنّ الفتوحات الإسلاميّة العربيّة يوم جاءت لبنان واحتلّته لَم يكن في صفوفها مسيحيّون.
وفي الختام نعود لنشدِّد قائلين:
لا للشموليّة وهمجيّة الإلغاء،
بل نعم للديموقراطيّة وأخلاق الاعتراف بالتعدّديّة.
د. عماد شمعون